بيت صفافا
الموقع:
تقع بيت صفافا في الضاحية الجنوبية الغربية من مدينة القدس ,على ربوة تطل على هذه المدينة الغالية في عيوننا وقلوبنا جميعا تبعد عن القدس حوالي 4 كيلو مترات يحدها من الشمال مستعمرة ميكور حاييم والبقعة ويحدها من الجنوب بيت لحم ويحدها من الغرب شرفات ومن الشرق دير مارالياس وصور باهر وتبلغ مساحة القرية 3314 دونما .
الأهمية:
تعد قرية بيت صفافا مفتاحا مهما من مفاتيح القدس وهي حلقة الوصول بينها وبين مدينة الخليل ثم بيت لحم مهد المسيح عليه السلام, وقد اجمل ياقوت الحموي وصف القدس وما جاورها سنة 626 هجري - 1228 ميلادي, بقوله (ارض بيت المقدس وضياعها وقراها جبال شامخة).
سبب التسمية:
1.اورد عارف العارف: (( ان اليهود سمعوا بقدوم الاسكندر المقدوني وجيشه من غزة فهرعوا لاستقباله خارج مدينة القدس مرتدين الثياب البيضاء ورافعين الرايات البيضاء وطالبين منه ان لا يؤذيهم فقبل ذلك وعفا عنهم واعفاهم عن دفع الجزية وحصل الصفاء بينهما في هذه القرية سنة 333 ق.م وسميت فيما بعد بيت الصفا ومع مرور الزمن اصبحت تدعى بيت صفافا)).
2.هناك رواية اخرى منقولة عن الاجداد ذكروا ان احد اباطرة الروم كانت له ابنة وحيدة اسمها صفا , منحها خالص حبه , ولما اصبحت في ريعان شبابها اصيبت بمرض عضال ,عجز الاطباء عن مداواتها ,فأشار عليه بعض المقربين ان يذهب بها مكان جنوبي القدس , فيه هواء نقي ,عليل فاختار هذا المكان الذي سمي فيما بعد قرية الصفا , حيث بنى لها برجا في القرية -مازالت اثاره قامة الى يومنا هذا- حيث تم شفاؤها في هذا المكان الجميل , ثم مع مرور الوقت تطور هذا الاسم حتى اصبحت تدعى قرية بيت صفافا . واستنادا لهذه الرواية فقد اقيم في بيت صفاف عام 1936 م اكبر مستشفى في بيت صفافا في فلسطين للأمراض السارية وكان يشرف عليها الدكتور محمود الدجاني (رحمه الله ) (واصبحت اليوم مدرسة دينية لليهود بناية اتري ).
3.يقول الدكتور شكري عراف:((ان كلمة بيت صفافا تحريف لكلمة صفيفا, ومعناها بالسريانية بيت العطشان ,وربما يكون هذا الكلام صحيحا استنادا الى خلو القرية من الينابيع والمياه, واقرب مكان للمياه بعيد عنها حوالي 5 كيلومترات ويسمى عين وعين الحنية قرب الولجة )).
4.يقول مصطفى مراد الدباغ:((ان الفرنجة اطلقوا غليها اسم (بيت هفافا) وهي سريانية ,معناها البستان الجميل وحرفت مع الوقت واصبحت بيت صفافا)).
طريق القرية الموصلة الى القدس:
الطريق من القرية عبر القدس تمر بمستعمرة ميكور حاييم ثم البقعة الفوقا , مرورا بمستعمرة تل بيوت وبعدها الى مستشفى العيون ا(الدريجات) قرب الثوري , وبعدها بركة السلطان وتخيرا الى باب الخليل .
والطريق الاخر من بيت صفافا الى البقعة التحتا , ثم دار داوود الى فندق الملك داوود الى مقبرة مأمن الله (ماميلا) واخيرا باب الخليل , ومن الشرق صور باهر , طريقة مستشفى الاهلي الصفافي ثم نقطة التفتيش زمن الانتداب البريطاني الى طاحونة صور باهر , ثم الى وسط البلد.
من الغرب المالحة , بداية من دار عبد اسحق ثم الكدارة الى نقور الحمام المشهور بالزيتون والورود الى بلدة المالحة.
ومن لجنوب بيت لحم نهد المسيح, من طريق بيراجو خشبة الى الخمارة ثم الى دار ناصر ثم الى مقبرة راحيل ثم دار منصور الى ساحة المهد
المناخ :
يمتاز مناخها بانه مناخ جبلي بارد شتاءً 0-12 معتدل صيفاً 20-30 ويبلغ ارتفاعها 750 م عن سطح البحر وأعلى منطقة في بيت صفافا هي شرفات يبلغ ارتفاعها 825 م عن سطح البحر .
الحياة الاقتصادية:
كان الأساس في اقتصاد القرية حتى بداية القرن العشرين زراعيا ورعويا، تعمل فيه كل وحدة اسرية على إنتاج غالب حاجاتها السنوية من الطعام.
لم يقف الفلاح عند إنتاج المواد، بل كان يعمل على تحويل الكثير منها من خلال عمليتي التجفيف والتخزين لتغطية متطلباته طول السنة فمثلا: يتم تحويل العنب الى زبيب وملبن وملابى ودبس، والتين الى قطين .. الخ.
كان الذين يقتاتون من المواشي ينتجون لبن الجميد واللبنة التي كانت تحفظ ككرات في الزيت ، هذا إضافة الى الإفادة من الصوف والشعر في صنع الملابس وأنواع من الفراش
في بداية الخمسينات من القرن المنصرم، اي بعد قيام دولة اسرائيل، كان معظم اهالي بيت صفافا يتعاملون بالمقايضة، لأنه لا يوجد مصدر اخر للرزق. وقد منع اهالي بيت صفافا من إحضار اي شيء من بيت لحم او الضفة الغربية على وجه التحديد الا بموجب تصريح رسمي من المقاطعة الواقعة على طريق بيت لحم - الخليل، ويكون مكتوب على التصريح الأغراض التي تريد إحضارها الى بيت صفافا.
الحياة الاجتماعية :
كان أهل قرية بيت صفافا يحتفلون بالمناسبات الدينية، كاالمولد النبوي الشريف والأسراء والمعراج، وفي جميع الأعياد كعيد الفطر والأضحى، وكانوا عادة يؤدون الصلاة ومن ثم التوجه الى القبور، و بعد ذلك ينطلقون لزيارة الأرحام والأقارب والأصدقاء.
أما بالنسبة للأفراح والزواج فقد اعتاد الشاب الصفافي قديما ان يتزوج بابنة عمه او خاله، حيث اذا كانت تتم الموافقة من قبل الطرفين تأتي الطلبة الرسمية فيأخذون الجاهة ومجموعة من الأقارب وقريبات العريس الى اهل العروس ويطلبون يدها بشكل رسمي ويقوم اهل العروس بتقديم القهوة الى اهل العريس ولا يتم شربها الا اذا تمت الموافقة على هذا الطلب.
كان يستمر العرس سبع ليال، يقدم فيها الأكل والمشروبات حتى يأتي يوم الزفاف فتذبح الذبائح، وتقدم للناس بعد ان يتم إحضار العروس معم من بيت أهلها وسط الزغاريد للنساء والدبكة للرجال والغناء الشعبي والتراثي (الزفة).
بيت صفافا عبر التاريخ
بيت صفافا في عهد اليونان سنة 332 ق.م :
ربما يسأل سائل لماذا ابتدأت في العهد اليوناني سنة 332ق.م ؟
والسبب راجع لقلة المصادر وعدم وجود الأدلة التاريخية والاثرية قبل هذا العهد ، تمكن الاسكندر المقدوني من اسقاط الامبراطورية الفارسية وطردهم من هذه البلاد ودخل الاسكندر منطقة القدس سلما وقد عامل اليهود معاملة حسنة ومن الجدير بالذكر ان المؤلف عارف العارف في كتابه تاريخ بيت المقدس ذكر فيه أن الاسكندر المقدوني كان قادما من غزة إلى القدس فسمع اليهود بقدومه فخافوا بطشه وقتله قلهم فخرجوا لاستقباله لابسين الثياب البيضاء طالبين الاستسلام والعفو من الاسكندر وحصل الصفاء بينهم في منطقة جنوب القدس تدعى قرية بيت صفافا ومن هنا أُخذ اسمها .
في العهد الروماني سنة 63 ق.م :
تمكن بومبي الروماني من القضاء على الوجود اليوناني في هذه البلاد وأصبحت بيت المقدس تحت الاحتلال الروماني وثار اليهود ضد الحامية الرومانية في القدس مما دفع الحاكم الروماني إلى تدمير بيت المقدس وقد وُجدت آثار في قرية بيت صفافا من العهد الروماني وخاصة في منطقة البرج الذي يحتوي على الأعمدة والغرف المعقودة والمبلطة وآبار للمياه وما زالت آثار البرج ماثلة للعيان حتى يومنا هذا .
في العهد البيزنطي عام 333م :
تمكن هرقل من هزيمة الفرس وبذلك أصبحت فلسطين خاضعة تحت الاحتلال الروماني وأصبحت دولة الرومان أقوى دولة في المنطقة ووجدت في بيت صفافا آثار من العهد الروماني وخاصة الفسيفساء في منطقة البرج ووجدت توابيت في منطقة طباليا القريبة من بيت صفافا .
في العهد الإسلامي 626م :
بعد الانتصار الذي حققه المسلمون على الامبراطورية الرومانية( البيزنطية) وبداية الفتح الاسلامي بدأت القبائل العربية تخرج من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام فلقد سكنت قرية بيت صفافا قبائل عربية قادمة من الجزيرة العربية.
في العهد الصليبي 1099 م :
- نتيجة لضعف الدولة الإسلامية في مصر والشام وانحلالها إلى دويلات وانفصالها عن بعضها كل ذلك ساعد وأفسح المجال للإفرنج ليقوما بحملتهم الصليبة الأولى واستيلائهم على بلاد مصر والشام ومن ضمنها مدينة القدس وقراها.
- آثار البرج
- وقد بدأوا يجلبون المستوطنين من اوروبا ليسكنوا في بيت المقدس وغيرها من مدن فلسطين واسسوا فيها مملكة القدس اللاتينية ولقد بنوا القلاع والحصون ووجود البرج في قرية بيت صفافا دليل على استخدامه من قبل الصليبيبن كحصن للدفاع عنهم واستخدموا البرج بعد ان أضافوا إليه البناء المحصن والمخازن للأسلحة والقمح وأماكن للاسطبلات والخيول
في العهد الأيوبي 1187-1253 م :
انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في معركة حطين وبذلك استرجع بيت المقدس والقرى المحيطة بها إلى حظيرة المسلمين وتتويجها لهذا الانتصار فقد أحضر صلاح الدين معه القبائل العربية وأسكنها في المناطق التي حررها من الصليبين ومن ضمنها قرية بيت صفافا وحسب الوثائق في سجلات المحاكم الشرعية سكنت القرية عائلات قادمة من دمشق وهي عائلة الدمشقي وشمس الدين النوري وآثار الصليبيين موجودة في برج القرية حيث سكنوه طيلة وجودهم في القدس وأضافوا إليه القلاع والحصون .
في العهد المملوكي 1253-1516 م:
بعد انتصار المماليك على المغول في معركة عين جالوت 1260م والتي شكلت نقطة تحول عظمى في التاريخ الاسلامي لأنها أوقفت الدمار والخراب الذي أحدثه المغول وخاصة في بغداد ومناطق اخرى واستنادا لسجلات المحاكم الشرعية في القدس فإن قرية بيت صفافا كانت موقوفة بمعنى أن جميع انتاجها من القمح والزيتون والكرمة وحتى تربية النحل تصرف على المدرسة المنجكية بجانب الاقصى والذي أسسها المملوكي سيف الدين منجك وله تنسب اسم المدرسة .
في العهد العثماني 1561 -1917م :
بعد انتصار الاتراك على المماليك في معركة مرج دابق قرب حلب بقيادة السلطان سليم الأول على قانسوه الغوري في عام 1516 أصبحت بلاد الشام تحت الحكم العثماني حتى نهاية الحرب العالمية الأولى 1918 وأصبحت فلسطين مقسمة إلى ثلاث ولايات ، ابقى العثمانيون عددا من الأمراء والزعماء المحليين في فلسطين الذين اعترفوا بسلطة الدولة العثمانية وتعهدوا بالحفاظ على الأمن وجمع الضرائب ومن الجدير بالذكر ان أهالي بيت صفافا وجميع القرى المحيطة بالقدس تركوا قراهم إلى البوادي بسبب مشايخ الزيود الذين فرضوا عليهم خاوة بدون حق مشروع وكان ذلك في عام 1652م مما حدا بأهالي القدس أن يشتكوا للوالي العثماني بسبب نقص المواد الغذائية مثل الحليب والبيض واللحم ، فاستجاب الوالي لطلبهم بأن وجه كتابا إلى مشايخ الزيود بعدم التعرض لأهالي قرى القدس مما جعلهم يعودون لقراهم ، وفي عام 1825 م طلب الوالي العثماني مصطفى باشا من قرى القدس ومن ضمنهم بيت صفافا تمويل قافلة الحج الشامي فرفضوا تمويل القافلة بسبب الفقر فهربوا إلى الأديرة القريبة مثل دير مارالياس وصورباهر
بيت صفافا عبر العصور1918-1948
في العهد البريطاني : كانت بيت صفافا تابعـة للقدس الشريف ونحن نعلم أن بريطانيا اصدرت وعد بلفور 2/11/1917 نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين على حساب الشعب والأرض الفلسطينيـة .
لقد عانى أهل القريـة من النتائج التي ترتبت على إصدار هذا الوعد من اشتباكات مسلحـة بين العرب واليهود ،وفرض الضرائب الباهضـة على الأراضي لكي تجبر بريطانيا أهل القرية للتخلي عنها وتسريبها لليهود ،ولكن أهل القريـة صمدوا ولم يتنازلوا عن حقهم بل حملوا السلاح وأقاموا المستعمرات اليهوديـة القريبـة من القريـة لمستعمرة ميكود حاييم وتل بيوت وشاركوا في إضراب 1936 وفي المقاطعـة وفي التصدي لمخططات بريطانيا واليهود ولكن المؤامرة كانت تحاك بالسر حتى أعلنت الأمم المتحدة قيام دولة إسرائيل في 15/5/1948 واعتراف أميركا وروسيا وغيرها من الدول .
وبدأت الحرب العربيـة الإسرائيليـة ودخلت الجيوش العربية للدفاع عن فلسطين وكانت بيت صفافا تضم أفراداً من الجيش المصري والجيش السوداني والجيش الليبي وتوقفت الاشتباكات بعد إعلان واتفاقيـة الهدنـة 1949.
1949- 1967 في العهد الأردني : وبعد التوقيع على اتفاقيـة رودوس 1949 وإعلان الهدنـة بين العرب واليهود : قسمت بيت صفافا إلى قسمين قسم تابع للأردن وقسم تابع لإسرائيل.
حيث وضع السلك او الشريط في وسط القريـة ، مما سبب التفرقـة بين الأخ وأخيه والأب وأولاده والأم وأولادها .
فالمأساة تجسدت في هذه القريـة .
لاحظ السلك الفاصل الذي يفصل بين الأهالي ي بيت صفافا
وفرضت حالة الطوارئ على القريـة لوقوعها على الخطوط الأماميـة وفرض حظر التجول ليلاً ،وعدم إحضار أي شيء من بيت لحم إلا بتصريح من المقاطعـة في بيت لحم ، وتفشت البطالـة ولكن الله سبحانه وتعالى منح لأهل القرية طريق الكويت وكان ذلك في الخمسينات مما ساعد على إرسال أولادهم إلى الجامعات وأقاموا البيوت الجديدة في وعر كتن وكانت الأمور الاقتصاديـة والتعليمية على ما يرام حتى بدايـة الحرب العربيـة الإسرائيلية حزيران عام 1967.
في العهد الإسرائيلي : 1967 حتى اليوم
في يوم الاثنين الموافق 5/6 حزيران / عام 1967 قامت إسرائيل بشن هجوم شامل على الضفة الغربيـة وعلى مصر وغزة وعلى سوريا فأحتلت معظم الأراضي العربيـة أرض سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا والضفة الغربيـة من الأردن وغزة من مصر.
وأصدرت إسرائيل قراراً بضم القدس الشرقيـة للغربيـة ومن ضمنها قرية بيت صفافا ،ولقد طوقت القرية بالمستعمرات مثل جيلو وبات وشقت الشوارع وصودرت أراضي كثيرة ولم يبقى للقرية أراض يقيموا المساكن عليها .
بالنسبـة للتعليم فحدث ولا حرج فانخفضت نسبة التعليم انخفاضاً ملموساً مقارنة مع العهد الأردني .
ونجد معظم الشباب اتجهوا للعمل في فنادق ومصانع وأفران إسرائيل وهذا ما تريده المخططات الإسرائيليـة من تطبيق سياسة التجهيل وابتعاد الشباب عن العلم .
فالمفاهيم قد تغيرّت إلى الاتجاه المادي فقط وليس إلى تشجيع العلم والمعرفـة وبقيت هذه الأمور حتى الثمانينات حيث استفاق الشباب على ما هم فيه من قلة التعليم فبدأوا بالاتجاه نحو العلم تدريجياً حتى أصبحت النسبـة أكثر من سبعين في المئـة بعد ان كان 7% من المئـة .
ومما هو جدير بالذكر أن نسبـة المتعلمات في البنات أكثر من الشباب . لأن الشباب يتجهوا بعد انهاء المرحلة الثانويـة للعمل وأما البنات فيتجهن نحو الجامعات والكليات المختلفـة.
تخطيط اليهود لاحتلال القدس وجوارها
1947\1938
لقد نظم اليهود جهودهم في الهجوم على المدن والقرى العربية من أجل توسيع دولتهم ، معطين الأولوية لاحتلال القدس وجوارها فابتدأوا الهجوم على القرى المحيطة بها كي يعزلوها ، وأول ما هاجموا قرية بيت صفافا العربية الهادئة الواقعة على بعد خمسة أميال إلى الجنوب الغربي من القدس.
متى بدأ الهجوم الصهيوني على قرية بيت صفافا
بدأ الهجوم في الخامس والعشرين من كانون الأول ( ديسمبر) 1947 فاجأ 150 يهوديا قرية بيت صفافا بالهجوم وأهلها نيام.
وقد استطاع هؤلاء الأهل بشجاعتهم وإيمانهم ، وبالرغم من عدم التكافؤ الدفاع عن قريتهم والنجاح بالاحتفاظ بنصف القرية في أيدي عربية.
وحين عقدت الهدنة في الثالث من نيسان ( ابريل) 1949 بين الأردن وإسرائيل أي بعد خمسة عشر شهرا من الهجوم ، بقيت قرية بيت صفافا مقسمة نصفها تحت الاحتلال الاسرائيلي والنصف الآخر في الأردن يفصل بينهما حاجز من الأسلاك يفرق بين العائلة الواحدة، فيجبرها على أن تعيش بين دولتين لا صلة طبيعية بينهما .
إن المرء لا يستطيع أن يقدر همجية هذا الأمر حتى يذهب إلى بيت صفافا فيرى الأخ يكلم أخاه من وراء السيج ، وفي الأعراس والجنازات ، يسير الموكب في صفين على جانبي الحاجز ، وظل هذا الوضع قائما حتى زال السياج سنة 1967 بعد أن بات أهل بيت صفافا يرزخون تحت نير الاحتلال الصهيوني .
لجنة الهدنة الأردنية-الاسرائيلية المشتركة
في العاشر من نيسان ( ابريل) 1949 كتب إيتان إلى الملك عبد الله يطلب إليه عملا بالبند الثامن من اتفاقية الهدنة الدائمة ، تعيين الأعضاء الأردنيين في لجنة الهدنة الأردنية – الإسرائيلية المشتركة ، والتي ستشرف على تطبيق الاتفاقية وتنظر في المسائل المعلقة.
وكان من أهم أعضائها موشي ديان والدكتور إبراهيم برغمان ، الإسرائيليان ويرأس اجتماعاتها أحد مراقبي الأمم المتحدة.
عين الملك العقيد أحمد صدقي الجندي ، وعلي أبو نوار في لجنة الهدنة المشتركة ،وهكذا أنشئت لجان هدنة مشتركة متشابهة بين إسرائيل من جهة وسوريا ولبنان ومصر من جهة أخرى .
" تخطيط الحدود النهائية بين العرب واليهود "
اجتمعت لجنة الهدنة المشتركة في أيار ( مايو) 1949 في بوابة مندلبوم القريبة من القنصلية الأميركية في شرقي القدس ، وحضر الاجتماع مراقب الأمم المتحدة النقيب دي موز
( de mouz) ، فقدم موشي ديان خريطة مزيفة ذات حدود مزيفة وضعت، فيها قريتا القبو وبتير العربيتان في منطقة الحرام، ولم يلح الممثلون الأردنيون على جلب الخريطة الأصلية من رودس.
فقبلوا الخريطة المزيفة وبدأوا يخططون حدودا جديدة تبعا لها . وهذا الإهمال الذي لا يغتفر ، اعطى لليهود أراض عربية ما ملكوها من قبل أبدا ، ولا قاتلوا من أجلها أو دفعوا رجالا أو مالا ثمنا لها ، كما قسمت تلك الحدود بعض القرى إلى نصفين وفصلت كثيرا من القرى عن أراضيها الزراعية ومثال على ذلك :
قرية بيت صفافا الواقعة على بعد سبعة كيلو مترات إلى جنوب القدس الغربي. فقد قسمت إلى قسمين بأسلاك شائكة جعلت نصفها الغربي في اسرائيل ونصفها الشرقي في الأردن .
مع أنه ما عاش ولم يعش أي يهودي في القسم الإسرائيلي من القرية، وبهذه الطريقة انفصلت العائلة العربية الواحدة فكانت مواكب أهل القرية في الأعراس ، والمآتم تسير من جهتي السياج.
المصدر: كتاب
بيت صفافا ....... طيب المنبت وصفاء القلوب
المصدر: كتاب
بيت صفافا ....... طيب المنبت وصفاء القلوب